بعد أن بدأ النشاط الاقتصادي والتشغيل يعودان للحياة من جديد، ألقت عودة ظهور حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) بظلالها على هذا التعافي الاقتصادي الوليد. وترجع تلك الضغوط إلى مصادر الدخل الأجنبي التي تأثرت بشدة (السياحة وصادرات السلع والاستثمار الأجنبي المباشر)، ومع ذلك فلا تزال التحويلات، والتدفقات الوافدة لمحافظ الاستثمار والتمويل الخارجي، تدعم الاحتياطيات الدولية. ولتحقيق تعافٍ قوي يتعين، فضلاً عن تطبيق إجراءات لاحتواء الجائحة، المضي قدماً في إصلاح الاقتصاد الكلي والمالية العامة وإجراء إصلاحات هيكلية، وتعزيز الحماية الاجتماعية، والنهوض بأجندة رأس المال البشري.
ساعدت الإصلاحات التي أجريت في مصر على صعيد الاقتصاد الكلي في تثبيت استقرار الاقتصاد في السنوات الأخيرة، وسمحت للبلاد بدخول أزمة جائحة كورونا في وضع يتسم بتحسن في حسابات الخزانة العامة ومستوى وافر نسبياً من الاحتياطيات الأجنبية. وساعدت إصلاحات قطاع الطاقة في تعزيز إمدادات الطاقة الكهربائية وتصدير الغاز، وفتح سوق الطاقة أمام نشاط القطاع الخاص، وخاصة في مجال الطاقة المتجددة. بيد أن التداعيات السلبية للجائحة قوَّضت ما تحقَّق من تقدم في الآونة الأخيرة، وسلَّطت الضوء على التحديات القائمة منذ أمد بعيد. ومن ذلك: تباطؤ النشاط غير النفطي للقطاع الخاص، وضعف أداء الصادرات والاستثمار المباشر الأجنبي، وارتفاع نسبة الدين الحكومي إلى إجمالي الناتج المحلي (على الرغم من الانخفاض الكبير الذي حدث مؤخراً)، وتدني معدلات تعبئة الإيرادات إلى ما دون المستوى المحتمل، وعدم ملاءمة هيكل الموازنة العامة للدولة لطبيعة هذه الأزمة، ونقص المخصصات الموجهة لقطاعات الصحة والتعليم.
ومن المتوقع دعم الاستهلاك الخاص جزئياً بتدفقات التحويلات المالية، والحماية الاجتماعية الموسعة، وانخفاض التضخم ( في صالح القوة الشرائية للأسر المعيشية)، فضلاً عن تيسير السياسة النقدية. وزاد تفاقم الاتجاهات السائدة في أسواق العمل قبيل الجائحة، مثل انخفاض الأرباح الحقيقية وارتفاع نسبة القطاع غير الرسمي، بفعل خسائر الدخل الناجمة عن صدمة جائحة كورونا، وخاصة بين العمالة غير المنتظمة. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر.