يعصف بلبنان كساد اقتصادي حاد طال أمده يُعزَى في جانب منه إلى عدم كفاية الاستجابات على صعيد السياسات في مواجهة تفاقم الأزمات المتلاحقة - ممثلة في أكبر أزمة مالية تشهدها البلاد وقت السلم، وتفشي جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وانفجار مرفأ بيروت. وانكمش معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 20.3% في عام 2020، وتجاوز معدل التضخم 100%، بينما يواصل سعر صرف العملة المحلية تراجعه، وزادت معدلات الفقر زيادةً حادة. ويفتقر لبنان إلى سلطة تنفيذية تؤدي كامل وظائفها وسط محاولات لتشكيل ثالث حكومة للبلاد في عام تقريباً.
مازال اضطراب الأوضاع النقدية والمالية يفاقم الأزمات التي يشهدها لبنان، وأصبحت التفاعلات بين سعر الصرف والنقود بمعناها الضيق والتضخم إحدى الديناميات الرئيسية للمشهد السائد. ويشمل نظام سعر الصرف المتعدد السعر الرسمي
(1515 ليرة مقابل الدولار)، وأسعار صرف أدنى يضمنها مصرف لبنان المركزي للواردات الحيوية، وكذلك سعر صرف شديد التقلب للدولار الأمريكي (المبادلات النقدية)، وفي الواقع هبط سعر الصرف نحو 50% خلال الفترة 12-16 مارس/آذار 2021. وبوجه عام، انخفض متوسط سعر الصرف لدى البنك الدولي بنسبة 129% في عام 2020.
في ظل زيادة عدم اليقين إلى مستويات غير معتادة، نتوقع أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة أخرى قدرها 9.5% في عام 2021. وتفترض تنبؤاتنا أن تستمر تداعيات جائحة كورونا خلال عام 2021، لكن الاستجابات الكلية على صعيد السياسات لا تزال غير كافية. ونفترض أيضا مستوى أدنى من الاستقرار في الساحتين السياسية والأمنية (أي تشكيل حكومة)، ونُحجِم عن افتراض خفض لقيمة العملة يذكي معدل تضخم جامح، وهو سيناريو واقعي. ومن المرجح أن يكون الركود الذي يشهده لبنان شديدا وأن يطول أمده بالنظر إلى غياب القيادة على مستوى وضع السياسات والإصلاحات. وقد انخفض متوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في لبنان نحو 40% خلال فترة السنوات 2018-2020 ومن المتوقع أن يشهد مزيدا من التراجع. وهكذا، من المحتمل أن ينخفض تصنيف البنك الدولي للبنان حسب مستوى الدخل، وذلك من بلد في الشريحة العليا من الفئة متوسطة الدخل والتي يتراوح فيها متوسط نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي بين 4046 دولارا و12535 دولارا إلي وضْع بلدٍ في الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل.